أقسام العمرة
العمرة كالحج، فقد تكون واجبة وقد تكون مندوبة، وقد تكون مفردة وقد تكون متمتعاً بها.
تجب العمرة كالحج على كل مستطيع واجد
للشرائط، ووجوبها فوري كفورية وجوب الحج، فمن استطاع لها ـ ولو لم يستطع للحج ـ
وجبت عليه.
نعم، الظاهر عدم وجوب العمرة المفردة على من كانت وظيفته حج التمتع ولم يكن
مستطيعاً له ولكنه استطاع لها.
وعليه، فلا يجب الإستئجار لها من مال الشخص إذا استطاع ومات قبل الموسم، كما لا تجب
على الأجير للحج بعد فراغه من عمل النيابة، وإن كان مستطيعاً من الإتيان بها، ولكن
الاحتياط بذلك كله مما لا ينبغي تركه.
وأما من أتى بحج التمتع فلا يجب عليه الإتيان بالعمرة المفردة جزماً.
يستحب الإتيان بالعمرة المفردة في كل شهر من شهور العام، ولا يعتبر الفصل بين عمرة
وأخرى بثلاثين يوماً، فيجوز الإتيان بعمرة في شهر وإن كان في آخره وبعمرة أخرى في
شهر آخر وإن كان في أوله.
ولا يجوز الإتيان بعمرتين في شهر واحد فيما إذا كانت العمرتان عن نفس المعتمر أو عن
شخص آخر، وإن كان لا بأس بالإتيان بالثانية رجاءاً، ولا يعتبر هذا فيما إذا كانت
إحدى العمرتين عن نفسه والأخرى عن غيره، أو كانت كلتاهما عن شخصين غيره.
وفي اعتبار ما ذكر من الفصل بين العمرة المفردة و عمرة التمتع إشكال، فالأحوط لمن
اعتمر عمرة التمتع في ذي الحجة وأراد الإتيان بالعمرة المفردة بعد أعمال الحج أن
يؤخرها إلى محرم، ولمن أتى بعمرة مفردة في شوال مثلاً وأراد الإتيان بعمرة التمتع
بعدها أن لا يأتي بها في نفس الشهر.
وأما الإتيان بالعمرة المفردة بين عمرة التمتع والحج فالظاهر أنه يوجب بطلان عمرة
التمتع، فتلزم إعادتها.
نعم، إذا بقي في مكة إلى يوم التروية قاصداً للحج كانت العمرة المفردة متعته فيأتي
بحج التمتع بعدها.
كما تجب العمرة المفردة بالإستطاعة، كذلك
تجب بالنذر أو الحلف أو العهد أو غير ذلك.
تشترك العمرة المفردة مع عمرة التمتع في أعمالها، وسيأتي بيان ذلك، وتفترق عنها في
أمور:
(1) أن العمرة المفردة يجب لها طواف النساء، ولا يجب ذلك لعمرة التمتع.
(2) أن عمرة التمتع لا تقع إلا في أشهر الحج، وهي: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة،
وتصح العمرة المفردة في جميع .الشهور، وأفضلها شهر رجب.
(3) ينحصر الخروج عن الإحرام في عمرة التمتع بالتقصير فقط، ولكن الخروج عن الإحرام
في العمرة المفردة يتحقق بالتقصير وبالحلق، والحلق أفضل.
هذا بالنسبة إلى الرجال، وأما النساء فيتعين عليهن التقصير مطلقاً.
(4) يجب أن تقع عمرة التمتع والحج في سنة واحدة على ما يأتي، وليس كذلك في العمرة
المفردة، فمن وجب عليه حج الإفراد والعمرة المفردة صح منه أن يأتي بالحج في سنة ،
والعمرة في سنة أخرى.
(5) أن من جامع في العمرة المفردة عالماً عامداً قبل الفراغ من السعي فسدت عمرته
بلا إشكال، ووجبت عليه الإعادة بأن يبقى في مكة إلى الشهر القادم فيعيدها فيه ،
وأما من جامع في عمرة التمتع فحكمه غير ذلك.
يجب الإحرام للعمرة المفردة من نفس
المواقيت التي يحرم منها لعمرة التمتع ويأتي بيانها. نعم، إذا كان المكلف في مكة
وأراد الإتيان بالعمرة المفردة جاز له أن يحرم من أدنى الحل، كالحديبية و الجعرانة
والتنعيم، ولا يجب عليه الرجوع إلى المواقيت والاحرام منها، ويستثنى من ذلك من أفسد
عمرته المفردة بالجماع قبل السعي، فانه يجب عليه الاحرام للعمرة المعادة من أحد
المواقيت، ولا يجزيه الاحرام من أدنى الحل على الاحوط.
لا يجوز دخول مكة بل ولا دخول الحرم إلا
محرماً، فمن أراد الدخول فيهما في غير أشهر الحج وجب عليه أن يحرم للعمرة المفردة،
ويستثنى من ذلك من يتكرر منه الدخول والخروج لحاجة كالحطاب والحشاش و نحوهما، وكذلك
من خرج من مكة بعد إتمامه أعمال عمرة التمتع والحج، أو بعد العمرة المفردة، فانه
يجوز له العود اليها من دون احرام قبل مضي الشهر الذي أدى فيه عمرته.
من أتى بعمرة مفردة في أشهر الحج وبقي في
مكة إلى يوم التروية وقصد الحج كانت عمرته متعة ، فيأتي بحج التمتع، ولا فرق في ذلك
بين الحج الواجـب والمندوب.